بسم الله الرحمن الرحيم
وفي الورقة المرفقة بهذا الكتاب أسماء المرشحين على النحو التالي :
أولاً : من أهل مكة :
محمد عقيل - محمد شرواني - عبدالله شيبي- عبدالرحمن بشناق - عمر جان - عباس عبدالجبار - عمر فقيه - عبدالرحمن زواوي - حسين باسلامة - حسين نائب الحرم.
ثانياً : من أهل نجد :
محمد بن مضيان - على المنصور آل هديان - أحمد بن ركيان - عبدالله السليمان آل مهنا .
ومن هذه الوثيقة نستطيع أن نعرف بداية أعمال الاحتساب بشكله التنظيمي الإداري في المنطقة الغربية ، وبداية إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المنطقة ، كما أنها تعطينا المؤشر للمرجع الأعلى للاحتساب في المنطقة ، وهو نائب جلالة الملك ، الأمير فيصل بن عبدالعزيز - آنذاك - كما أنها تعطينا أيضا: صورة لأهم الأعمال التي سيتم الاحتساب فيها ، وأسلوب الاحتساب ومنهجه ، ولما كان الأعضاء المحتسبون ، والدعاة بحاجة إلى توضيح الأهداف والمقاصد من إنشاء الهيئة ، وتحديد ما هو المعروف ، وما هو المنكر ، وشروط إنكاره ، والاحتساب عليه فقد وضح الشيخ : محمد بهجت البيطار ، مدير المعهد السعودي - آنذاك- نبذة عن هذا الموضوع بناء على طلب الشيخ عبدالله بن بليهد منه ذلك ، فكتب رسالة في ثمان صفحات ، كي يهتدي بها الدعاة المرشدون ، وقد اعتمد في إعداده لتلك الرسالة على كتاب الحسبة لابن تيمية - رحمه الله- .
ويبدو أن الهيئة التي أنشئت في مكة المكرمة بموجب الأمر الصادر من رئيس ديوان النيابة العامة برقم 2295 في 16/2/1346ه ، وكانت تخضع لها البلدان المجاورة كجدة والطائف وغيرها ، أما المدينة المنورة ، فقد أنشئ فيها مكتب للهيئة - شبه مستقل في ذلك الوقت - لكنه يخضع في رئاسته العليا إلى نائب جلالة الملك في الحجاز ، سمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز - آنذاك - وقد بعث جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - خطابه رقم 723 وتاريخ 9/4/1346ه إلى أمير المدينة ، يحمل توجيهات جلالته بأن تكون الأمور التي يتم الاحتساب فيها ، هي ما يحددها ويراها الشيخ عبدالله بن حسن بن حسين بن علي بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب ، الذي عين رئيسا للقضاة في المنطقة الغربية أوائل عام 1346ه بدلا من الشيخ عبدالله بن بليهد الذي انتقل إلى حائل .
ثم آلت إلى الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ رئاسة هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمحكمة الشرعية والحرم ودوائره ، وما يجري فيه ، الراجعة للدين وللشرع فالعمل على ما يرى الشيخ عبدالله بن حسن ، فيعمل به ، ثم وحدت المكاتب وصدر الأمر الملكي بتاريخ 18/1/1347ه بتعيين الشيخ : ( عبدالظاهر محمد أبو السمح ) رئيساً للهيئة في الحجاز ، ومقرها مكة المكرمة . وفي 20/3/1347ه صدر نظام للهيئة مكون من ثلاث عشرة فقرة ، وجاء فيه : اختيار أعضاء شرفيين للهيئة ، يجتمعون مع الرئيس كل يوم خميس من كل أسبوع للتباحث في الأمور الهامة ، إلاّ إذا اقتضى الأمر اجتماعهم أكثر من مرة في الأسبوع ، وقد حدد النظام بعض أمور الاحتساب ، وحدد بعض المناطق للاحتساب ، كما أوجب ضرورة إشراف الهيئة على تنفيذ التعزيرات التي يحكم بها القضاة .
وفي 26رجب من عام 1349ه صدر نظام الهيئات بالحجاز بمدير الشرطة العام . ثم في 15محرم من عام 1356ه صدر نظام آخر يقضي بأن يكون مرجع الهيئات رئاسة القضاة، وهو مكون من ثلاثين مادة.
ثم في10 صفر من عام 1372هـ صدر نظام يقضي بربط الهيئات بالحجاز بالنيابة العامة ثم بمجلس الوزراء وتم تعيين الشيخ عبدالملك بن إبراهيم آل الشيخ رئيساً لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحجاز ومرجعه المباشر النائب العام لجلالة الملك في الحجاز، وبعد إلغاء النيابة العامة هناك ، صار الرئيس يرجع إلى رئاسة مجلس الوزراء مباشرة ، وضم إليه النظر في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جنوب المملكة ، وتبعاً لهذا التطوير قامت الرئاسة بفتح فروع لها في المدن والقرى التابعة ، ووضعت المراكز ، وعين فيها من يلزم من الموظفين .
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهد الملك سعود - رحمه الله -
كانت الفترة التي حكم فيها الملك سعود - رحمه الله - بعد عام 1373ه عبارة عن امتداد وتأصيل لتثبيت الأوضاع ، وترسيخ الاستقرار في كافة مرافق الدولة بصفة عامة ، وفي أعمال الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على وجه الخصوص ، فقد أخذت الدولة بالأساليب الحديثة في التشكيلات والأعمال الإدارية ، وأنشئت لهذا الغرض أجهزة متخصصة في كافة المرافق تمشياً مع مقتضيات العصر ، ولوازمه العصرية ، وكانت السمة البارزة لتلك النظم الحديثة هي التخصص في الأعمال والأنشطة سواء أكانت للإنتاج أو الخدمات ، أو الرقابة ، أو المتابعة ، أو غير ذلك من أنشطة .
وقد جاء في إحدى الوثائق المهمة خطاب من الملك سعود - رحمه الله - يتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا نصه :
( من سعود بن عبد العزيز آل سعود إلى كل من يراه ممن بيده سلطة تنفيذية في مملكتنا من آمر بالمعروف ، وناه عن المنكر ، ومن أمير أو مسؤول نوجه خطابنا هذا :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد : فإننا نحمد الله سبحانه وتعالى بما منَّ الله به علينا وعلى المسلمين في أرجاء مملكتنا المترامية الأطراف من أمن شامل ، وانقياد تام من الرعية ، وسمع وطاعة منهم ، نحمده أن وفقنا لإقامة العدل ، وتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية التي حفظت لكل فرد حقه كاملاً غير منقوص ، نحمد الله على هذه النعمة ونسأله المزيد منها ، وأن يوفقنا لشكر نعمائه بالقيام بالواجب الذي ألقاه على عاتقنا فيما ولانا إياه.
ولهذا رأينا أن نلفت نظر سائر المكلفين بتنفيذ الأحكام أن يراقبوا الله في تصرفاتهم بأن يأخذوا الرعية بالحسنى، وأن يلتزموا حدود الله في تصرفاتهم ولا يتعدوها قيد شعرة ، فالشعب - ولله الحمد كما قلنا سامع و مطيع ، ولا يحتاج الغافل أو الجاهل إلا إلى تنبيه أو زجر بالحسنى لينقاد ويسمع ، ويطيع لكل ما يؤمر به ، ولهذا ينبغي ألا تستعمل القسوة في معاملة الناس حيث ينفع لين الجانب ، كما أنه لا يتمادى في لين الجانب إذا لم ينفع في الأمر إلا كبح الجماح بالشدة . وقد بُلِّغت عن تصرفات بعض الموظفين في استعمال القسوة والشدة في الأمور التي لا تحتاج لقسوة أو تدبير شديد ، فعلى الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر أن يكونوا مثالاً حسنا للناس في الدعوة إلى الله : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) ... أ.ه.
ولا شك أن خطاب الملك سعود - رحمه الله - هذا يعد توجيهاً رفيعاً في التعامل مع المحتسب عليه .
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهد الملك فيصل - رحمه الله -
اهتم الملك فيصل بجانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله في المملكة العربية السعودية أيما اهتمام ، ودعم جهاز الحسبة الذي يعنى بالإشراف على ولاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكثيراً ما يركز الملك فيصل - رحمه الله - على أن المشكلة تنحصر بالدرجة الأولى في عدم فهم الإسلام ومزاياه من قبل بعض الناس ، وهذا هو ذنب المسلمين ، وليس ذنب الإسلام وقد اتجهت الحسبة في عهد الملك فيصل -رحمه الله - إلى التخصص في أعمال المحتسب بخلاف ماكانت عليه في عهد الملك عبدالعزيز والملك سعود رحمهما الله ، والواقع أن التخصص في أعمال الاحتساب لا يقلل من شأن المحتسب أو من الاحتساب ، قال ابن تيمية رحمه الله : " عموم الولايات وخصوصها ، وما يستفيده المتولي بالولاية من الألفاظ والأحوال والعرف ، ليس لذلك حد في الشرع ، فقد يدخل في ولاية القضاء في بعض الأمكنة والأزمنة ما يدخل في ولاية الحرب في مكان وزمان آخر ، وبالعكس ، وكذلك الحسبة ، وولاية المال " .
وعلى ذلك فإن نزع بعض المهام من الهيئة خلال هذه الفترة لا يقلل من شأنها ، لأن ما انتزع منها كان بحاجة إلى تخصص دقيق لأدائه ، والمراقبة فيه ، وليس بمقدورها وحدها أداؤه، والاحتساب فيه في ظل الظروف المتطورة ، والأساليب العصرية الحديثة ، وإلا لأنشئت بها معامل لتحليل العينات ، وللمواصفات والمقاييس ، بالنسبة للمصنوعات ، وغير ذلك : وقد بقيت لديها الأعمال الهامة اللصيقة بها تاريخياً ، وهي الاحتساب في الأمور الدينية ، وبالأخص فيما يتعلق بالمحافظة على سلامة العقيدة ، وفي العبادات وما يتعلق بها ، وفي الكثير من المعاملات والأخلاقيات ، ولذا ركزت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما أنيط بها في هذه الفترة تركيزاً شديداً فعمدت عندها إلى الأخذ بالأسلوب الإداري الحديث ، ومن التسلسل الإداري في تلقي التعليمات والأوامر أو إصدارها ، وترسيخ الهيكل الوظيفي ، والتوسع في إنشاء الفروع في البلدان والمناطق النائية ، وإحلال الكفاءات المدربة والمتعلمة ، والتزود بوسائل الاتصال الحديثة وغير ذلك مما يساعدها على النهوض بأعمالها على خير وجه .
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهد الملك خالد -رحمه الله- :
شهدت المملكة العربية السعودية في عهد الملك خالد رحمه الله حركة نمو اقتصادي، وتطور في كافة المجالات ، وتبعاً لذلك تطورت الأساليب الإدارية في كافة مرافق الدولة بما في ذلك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد رُئي أن من الأصلح ضم كل من الهيئة في الحجاز ، والهيئة في نجد في هيئة واحدة ، حيث صدر المرسوم الملكي ذو الرقم م / 64 وتاريخ 1/ 9/1396 ه القاضي بتوحيدهما تحت مسمى : الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك لسهولة الإشراف والمتابعة ، وتم تعيين معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن آل الشيخ - رحمه الله - رئيساً لها بمرتبة وزير .
ثم صدر أمر ملكي بتاريخ 5/9/1397ه بتعيين معالي الشيخ عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ - حفظه الله
- رئيساً لها بمرتبة وزير وبهذا التوحيد أصبحت هناك مركزية للرئاسة العامة للهيئة في كافة مناطق المملكة ، وبدأت في الأخذ بالأسلوب الإداري الحديث، وازدادت العناية بجانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبدأت الهيئة ترتبط بفروعها من خلال وسائل الاتصال الحديثة ، وقد هيأ لها ذلك الإحاطة بكافة ما يجري ويقع من أحداث في مناطق المملكة بالسرعة المطلوبة عن طريق اتصالها بفروعها ، بالإضافة إلى إنشائها العديد من تلك الفروع والمراكز في المناطق والمدن ، والقرى ، والمناطق النائية ، بل في مختلف الأحياء ثم صدر نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بموجب المرسوم الملكي ذي الرقم ( م / 37) والتاريخ 26/10/1400ه الذي نظم أعمال الرئاسة تنظيماً حسناً ، وأخرجها في طور جديد ، ويتكون النظام من إحدى وعشرين مادة مقسمة على أربعة أبواب تحت العناوين الآتية :
الباب الأول : تشكيل الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف وما يتبعها .
الباب الثاني : صلاحيات الرئيس العام .
الباب الثالث : تعيين وترقية أعضاء وموظفي الهيئات و تأديبهم .
الباب الرابع : واجبات الهيئة في المدن والقرى .