بسم الله الرحمن الرحيم
الأحبة الفضلاء
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
قال الله تعالى " من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب مني، وما تقرب لي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها وإذا سألني لأعطينه وإذا استغفرني لأغفرن له وإذا استعاذني أعذته.
فتح الباري حديث رقم 6502 ، وقد روى الحديث الإمام البخاري وأحمد بن حنبل والبيهقي ..
الجزء الذي أريد شرحه هو ( كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها).
معنى هذا الجزء من الحديث : أن العبد المؤمن إذا اجتهد بالتقرب إلى الله بالفرائض ، ثم بالنوافل قرّبه ربه إليه ، ورقّاه من درجة الإيمان إلى درجة الإحسان ، فيصير يعبد الله كأنه يراه ، فيمتلئ قلبه بمعرفة ربه ،ومحبته ، وتعظيمه ، وخوفه ومهابته ، وإجلاله ، فإذا امتلأ القلب بذلك زال منه كل تعلق بكل ما سوى الله ، ولم يبق للعبد تعلق بشيء من هواه . ولا إرادة إلا ما يريده منه ربه ومولاه ، فحينئذ لا ينطق العبد إلا بذكره , ولا يتحرك إلا بأمره ، فإن نطق نطق بالله ، وإن سمع سمع بالله وإن نظر نظر بالله ، أي بتوفيق الله له في هذه الأمور فلا يسمع إلا ما يحبه الله ، ولا يبصر إلا ما يرضي الله ، ولا يبطش بيده ، ولا يمشي برجله إلا فيما يرضي ربه ومولاه وليس المعنى : أن الله هو سمعه ، وأن الله هو بصره ، وأن الله هو يده ورجله . ـ تعالى الله ـ فإنه سبحانه فوق العرش ، وهو العالي على جميع خلقه ، ولكن مراده سبحانه : أنه يوفقه في سمعه وبصره ومشيه وبطشه ؛ ولهذا جاء في الرواية الأخرى يقول سبحانه : " فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي " يعني : أن يوفقه في أعماله ، وأقواله ، وسمعه ، وبصره ، هذا معناه عند أهل السنة والجماعة ، ومع ذلك يجيب الله دعوته ، فإن سأله أعطاه ، وإن استعان به أعانه ، وإن استعاذ به أعاذه . . إ . هـ . بتصرف واختصار من ( جامع العلوم والحكم
2 / 347 ، وفتاوى نور على الدرب الشريط ( 10 ) لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ) .
****
قال تعالى :
{يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}الأنفال29
إن امتثال العبد لتقوى ربه عنوان السعادة، وعلامة الفلاح ، وقد رتب الله على التقوى من خير الدنيا و الآخرة الشيء الكثير ، فذكر هنا أن من اتقى الله حصل له أربعة أشياء ، كل واحد منها خير من الدنيا و ما فيها :
الأول : الفرقان : - وهو العلم والهدى الذي يفرق به صاحبه بين الهدى و الضلال و الحق و الباطل و الحلال و الحرام و أهل السعادة من أهل الشقاوة
الثاني و الثالث : تكفير السيئات و مغفرة الذنوب : - وكل واحد منهما داخل في الآخر عند الإطلاق و عند الإجماع. يفسر تكفير السيئات بالذنوب الصغائر ، و مغفرة الذنوب بتكفير الكبائر
الرابع : الأجر العظيم و الثواب الجزيل لمن اتقاه وآثر رضاه على هوى نفسه
(( وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ))
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 319
لا تنسونا من الدعاء بظهر الغيب
محب الجميع : محمد الجهني........................
--------------------------------------------------------------------------------
نكتب إبراءً للذمة و نفع الآخرين ، اللهم اجعل ما قدمنا شاهداً و حجة لنا آمين آمين آمين .....